الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
هل نصوم عادة أم عبادة ؟
هل نصوم لأننا إعتدنا على صيامه وألفناه ممن حولنا
أم نصوم عبادة وتقربا إلى الله
لنستمع إلى هذا الحديث الشريف
عن أبي سعيد رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{من صام يوماً في سبيل الله باعد الله تعالى بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً}
رواه البخاري
فنحن كل يوم نصوم ونمسك عن الطعام والشراب والجماع
وجميع المفطرات فهذا هو الشرط الاول من الحديث
ولكن الشرط الثاني من الحديث هو " في سبيل الله "
فهل كان صومنا في سبيل الله؟
إذا كنا صمنا لله وحققنا الشرطين فتحقق لنا وعد الله عز وجل
البعد عن نار جهنم سبعين خريفا
طبعا هذا لمن صام يوما واحدا محققاً الشرطين
فما بالكم بـ 30 يوما
إذا علينا أن نستذكر هذا الوعد والجزاء العظيم
ونخلص النية لله عز وجل في صيامنا
نطبقه ونأخذ به لـ نباعد بيننا وبين النار
يقول الإمام الغزالي أن الناس في صوم رمضان على ثلاث درجات:
صوم العامة، وصوم الخاصة، وصوم خاصة الخاصة.
صوم العامة: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة فحسب،
وليس وراء ذلك شيء.
وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من الناس بقوله:
( رُبَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش )
رواه الإمام أحمد و ابن ماجه وحسنه الألباني .
صوم الخاصة: فهو كف الجوارح عن الآثام، كغض البصر عما حرم الله،
وحفظ اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة، وكف السمع عن الإصغاء إلى الحرام،
وكف باقي الجوارح عن ارتكاب الآثام،
وهذا الصنف ينطبق عليه قوله صلى الله عليه وسلم:
( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث ولا يَصْخَب، فإن سابَّه أحد أو قاتله أحد فَلْيَقُلْ إني صائم )
متفق عليه.
ثم إن من صفات هذا الصنف أنك تجد قلبه معلقاً بين الخوف والرجاء،
مستحضراً قوله تعالى: { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون }
(المؤمنون:60)،
إذ ليس يدري أيُقبل صومه، فيكون من أصحاب اليمين المقربين،
أم يرد فيكون من أصحاب الشمال المبعدين المحرومين.
صوم خاصة الخاصة، فهو صوم القلب عن الأفعال الدنيئة، والأفكار الدنيوية،
وكفه عما سوى الله سبحانه بالكلية،
قال تعالى: { قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون}
(الأنعام:91)
وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين من عباده المخلَصين.
فعلينا أن نبرأ بنفسنا عن صوم العوام
وأن نأخذ بنفسنا إلى مراتب صوم الخواص، لنكون من المقربين عند رب العالمين،
قال تعالى: { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم
في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون }
(الأحقاف:16)